إشارات إنذار من سوق العمل الأمريكي: وظائف أقل وبطالة أعلى
كشفت البيانات الصادرة حديثًا عن سوق العمل في الولايات المتحدة عن مؤشرات واضحة على تباطؤ النشاط التوظيفي خلال شهر يوليو 2025، وذلك على خلفية نتائج دون المتوقع في خلق الوظائف، إلى جانب ارتفاع طفيف في معدل البطالة، ومراجعات سلبية لبيانات الأشهر السابقة.
فقد أضاف الاقتصاد الأمريكي 73,000 وظيفة فقط في القطاعات غير الزراعية خلال يوليو، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى إضافة حوالي 106,000 وظيفة. ويُعد هذا التراجع استمرارًا لوتيرة بطيئة في خلق الوظائف، بدأت ملامحها في الظهور خلال الأشهر الماضية. وفي المقابل، ارتفع معدل البطالة إلى 4.2% مقارنة بـ4.1% في يونيو، ما يعكس زيادة في عدد الباحثين عن عمل دون توافر فرص كافية لاستيعابهم.
وتزامن ذلك مع مراجعة بيانات شهري مايو ويونيو، حيث أظهرت التعديلات أن عدد الوظائف التي تمت إضافتها خلال هذين الشهرين أقل مما كان معلنًا سابقًا بنحو 258,000 وظيفة. وعلى سبيل المثال، بلغ عدد الوظائف التي أُضيفت في يونيو 14,000 فقط بعد التعديل، وهو ما يؤكد على ضعف الزخم في سوق العمل.
أما على صعيد الأجور، فقد شهد متوسط الدخل بالساعة ارتفاعًا سنويًا بنسبة 3.9%، وزيادة شهرية قدرها 0.3%. وعلى الرغم من هذا النمو، فإن معدل المشاركة في القوى العاملة تراجع إلى 62.2%، بعد أن كان 62.3% في يونيو، ما يشير إلى خروج مزيد من الأفراد من سوق العمل، سواء لأسباب ديموغرافية أو اقتصادية.
موقف الفيدرالي الأمريكي
تأتي هذه المؤشرات بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي عُقد قبل يومين من صدور التقرير، والذي قرر فيه الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ورغم التباطؤ الظاهر، وصف رئيس المجلس جيروم باول سوق العمل بأنه لا يزال "قويًا"، موضحًا أن معدلات البطالة تظل منخفضة مقارنة بالمعدلات التاريخية.
وأكد باول أن تباطؤ خلق الوظائف يعود جزئيًا إلى انخفاض المعروض من العمالة، خاصة في ظل تراجع معدلات الهجرة خلال السنوات الماضية. هذا النقص في العرض ساعد، من وجهة نظره، على الحفاظ على بعض التوازن في السوق رغم تراجع الطلب على العمالة.
إشارات أخرى من القطاع الخاص
عززت بيانات أخرى صدرت عن شركة "ADP" الخاصة هذه الصورة المختلطة لسوق العمل. فقد أوضحت أرقام يوليو أن القطاع الخاص أضاف 104,000 وظيفة، متجاوزًا التوقعات التي دارت حول 75,000 وظيفة، وهو تحسن نسبي بعد فقدان 23,000 وظيفة في يونيو.
لكن ورغم هذا التحسن الظاهري، تشير الاتجاهات العامة في بيانات ADP إلى تراجع زخم التوظيف خلال الشهور الأخيرة. وعلّقت كبيرة الاقتصاديين في الشركة، نيلا ريتشاردسون، بأن سوق العمل أعاد "ضبط إيقاعه" إلى مستوى أقل من ذي قبل، وإن ظل كافيًا لدعم مستويات إنفاق المستهلكين، وهو ما تعتبره مؤشرًا رئيسيًا على قوة أو ضعف السوق.
تراجع في الوظائف الشاغرة ومعدل التوظيف
من جهة أخرى، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل انخفاضًا في عدد الوظائف الشاغرة إلى 7.44 مليون في نهاية يونيو، مقارنة بـ7.71 مليون في مايو. كما تراجع معدل التوظيف إلى 3.3% بعد أن كان 3.4%، ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2024.
دلالات عامة
مجمل هذه البيانات يعكس حالة من التباطؤ التدريجي في سوق العمل الأمريكي، وهو ما قد يشكل عنصر ضغط إضافي على صناع القرار في الاحتياطي الفيدرالي لإعادة النظر في سياسة الفائدة الحالية، خاصة في ظل تصاعد التوقعات بشأن الحاجة إلى تيسير نقدي خلال الفترة القادمة لمواجهة تراجع النشاط الاقتصادي.