الذهب يلمع من جديد: الأسواق تترقب بيانات التضخم الأمريكية وتحركات الفيدرالي
ارتفعت أسعار الذهب خلال تداولات الأربعاء مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي وعمليات شراء انتهازية من المستثمرين، بعد الخسائر الحادة التي تكبدها المعدن النفيس في الجلسة السابقة. يأتي ذلك في وقت تترقب فيه الأسواق صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر سبتمبر، التي تأخرت بسبب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، والمقرر إعلانها يوم الجمعة.
ترقب بيانات التضخم والسياسة النقدية للفيدرالي
يتابع المستثمرون عن كثب تقرير مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي، الذي من المتوقع أن يقدم إشارات واضحة بشأن توجهات الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة. ويُعتبر التقرير أحد أهم المؤشرات التي تؤثر في حركة الأسواق العالمية، خاصة أنه يرتبط مباشرة بمسار الدولار والعوائد الأمريكية، وبالتالي بأسعار الذهب التي تتحرك غالبًا عكسيًا مع قوة العملة الأمريكية.
وأوضح محللون في بوينت تريدر جروب أن تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ساهم في استعادة شهية المستثمرين للمخاطرة، مما دعم تعافي الذهب بعد موجة التصحيح الأخيرة التي جاءت عقب صعوده فوق مستوى 4,000 دولار للأوقية. وأضافوا أن ما يحدث في السوق يُعد إعادة تموضع فنية ضرورية في سوق شهد مكاسب قوية ومتواصلة خلال الأسابيع الماضية، وأن عمليات الشراء عند الانخفاضات لا تزال مستمرة.
وفي سياق متصل، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه يتوقع التوصل إلى "اتفاق تجاري عادل" مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال لقائهما المرتقب في كوريا الجنوبية، مشيرًا إلى أن التفاهم بين البلدين قد يسهم في تهدئة التوترات الجيوسياسية، رغم استمرار القلق بشأن ملف تايوان.
اتفاقات تجارية جديدة تعزز الطلب على الذهب
ذكرت تقارير صحفية هندية أن نيودلهي وواشنطن تقتربان من إبرام اتفاق تجاري جديد، يتضمن خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الهندية إلى مستويات تتراوح بين 15% و16% بدلًا من 50% حاليًا. خطوة كهذه قد تعزز النشاط التجاري العالمي وتزيد الطلب الصناعي على المعادن النفيسة، وعلى رأسها الذهب والفضة.
ورغم موجات التراجع الأخيرة، لا يزال الذهب محافظًا على أداء قوي منذ بداية العام، مرتفعًا بأكثر من 55% ليصل إلى أعلى مستوى تاريخي عند 4,381.21 دولار للأوقية. ويرى خبراء بوينت تريدر جروب أن استمرار الطلب من البنوك المركزية حول العالم، إلى جانب تصاعد المخاطر الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية، كلها عوامل تدعم بقاء الذهب في مسار صاعد على المدى المتوسط.
أداء الذهب في الجلسات الأخيرة
شهدت تعاملات الثلاثاء تراجعًا حادًا للذهب بنسبة 5.7% ليغلق عند 4,109.10 دولار للأوقية في أكبر انخفاض يومي منذ يونيو 2013، نتيجة عمليات جني الأرباح بعد ارتفاعات قياسية سابقة. إلا أن المعدن الأصفر استعاد بعض خسائره يوم الأربعاء مرتفعًا بنسبة 0.5% ليصل إلى 4,145.35 دولار للأوقية، مستفيدًا من تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.1% أمام سلة من العملات الرئيسية، ما جعل الذهب أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
أما العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم ديسمبر، فقد صعدت بنسبة 1.2% لتسجل 4,159.60 دولار للأوقية، وسط حالة من الترقب في الأسواق قبل صدور بيانات التضخم الحاسمة نهاية الأسبوع.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
على صعيد المعادن الأخرى، ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.5% لتسجل 48.95 دولارًا للأوقية، بينما تراجع البلاتين بنسبة 1.1% إلى 1,534.20 دولار، وصعد البلاديوم بنسبة 1.4% إلى 1,427.13 دولار للأوقية. ويعكس هذا التباين استمرار حالة التقلب وعدم اليقين في أسواق المعادن العالمية بين مؤشرات التعافي الاقتصادي ومخاوف التصحيح الفني.
رؤية بوينت تريدر جروب
يؤكد محللو بوينت تريدر جروب أن تحركات الذهب الحالية تندرج ضمن نطاق تصحيحي طبيعي بعد موجة صعود قوية، وأن أي تراجع إضافي قد يُعد فرصة للشراء، خاصة للمستثمرين الباحثين عن التحوط من مخاطر التضخم وضعف الدولار الأمريكي، في ظل غياب إشارات واضحة بشأن وتيرة خفض الفائدة خلال الربع الأخير من العام.