أهم الأخبار

شهدت معدلات التضخم في تركيا تباطؤًا ملحوظًا خلال يوليو 2025، وهو ما أعطى دفعة قوية لصانعي السياسة النقدية في البنك المركزي التركي، بعد أن استأنف خطواته نحو خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي.

وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية (TurkStat)، بلغ معدل التضخم السنوي 33.5% في يوليو، مقارنة بـ35.05% في يونيو. هذا الانخفاض فاق توقعات المحللين التي أشارت إلى معدل 34.05%، وهو ما يدل على تأثير واضح للإجراءات النقدية الأخيرة، بالإضافة إلى عوامل موسمية وأسعار بعض السلع الأساسية.

في الوقت ذاته، واصلت الليرة التركية تراجعها الطفيف أمام الدولار، حيث ارتفع سعر صرف العملة الأمريكية بنسبة 0.15% ليبلغ 40.67 ليرة لكل دولار، ما يعكس حساسية الأسواق تجاه التطورات النقدية والاقتصادية في البلاد.

توقعات الأسواق: خفض إضافي للفائدة في الأفق

التحسن في بيانات التضخم قد يدفع البنك المركزي التركي إلى مواصلة سياسة التيسير النقدي. وتشير التقديرات إلى احتمال تنفيذ خفض إضافي في أسعار الفائدة الأساسية خلال اجتماع سبتمبر المقبل، بعدما قام البنك في يوليو بخفض الفائدة من 46% إلى 43%، وذلك لأول مرة منذ مارس الماضي.

وصرحت "هاندي شيكيرجي"، كبيرة الاقتصاديين في شركة "إيش لإدارة الأصول"، بأن تراجع أسعار الملابس فاق التوقعات، مما يُخفف الضغط عن البنك المركزي ويفتح المجال أمام قرارات أكثر مرونة خلال الفترة المقبلة.

وارتفعت الأسهم التركية بنسبة 1.1% بعد إعلان بيانات التضخم، حيث كانت أسهم البنوك في صدارة الرابحين، في إشارة إلى تفاؤل المستثمرين بشأن تخفيف القيود الائتمانية في المستقبل القريب.

ارتفاع التضخم الشهري بسبب الضرائب والطاقة

رغم التباطؤ السنوي، ارتفع معدل التضخم الشهري إلى 2.06% في يوليو، مقارنة بـ1.37% في يونيو. ويُعزى هذا الارتفاع إلى زيادات ضريبية طالت عدة قطاعات، بما في ذلك الوقود ومنتجات التبغ، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة، وهي عناصر خارجة عن نطاق السياسة النقدية المباشرة.

وتشير "ياسمين باشييجيت"، كبيرة الاقتصاديين في بنك الاقتصاد التركي، إلى أن البيانات الشهرية المتعلقة بأسعار الغذاء جاءت إيجابية، حيث سجلت 0.07% فقط، رغم التوقعات التي أشارت إلى 1%، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في أسعار السلع الغذائية الأساسية.

تحديات مستمرة في الإسكان والتعليم

ورغم تحسن الأرقام الإجمالية، لا تزال بعض القطاعات تمثل عبئًا على جهود السيطرة على التضخم، خاصة في مجالي الإسكان والتعليم. فقد ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 5.8% على أساس شهري، وهي النسبة الأعلى بين المكونات المؤثرة على التضخم الشهري.

وتضيف "باشييجيت" أن التضخم في قطاع الخدمات، خاصة الإيجارات، لا يزال يشهد ضغوطًا، لكنه يتباطأ على أساس سنوي، مما قد يساهم في تهدئة الضغوط الكلية على الأسعار خلال النصف الثاني من العام.

اجتماع حاسم للبنك المركزي في أغسطس

ينتظر المستثمرون المحليون والدوليون اجتماع البنك المركزي التركي المقرر في 14 أغسطس، حيث يُتوقع أن يستعرض المحافظ "فتيح كارهان" أحدث التقديرات الخاصة بالتضخم والسياسات النقدية القادمة.

وكان البنك قد علّق سياسة خفض الفائدة في مارس، بسبب توترات سياسية وسوقية أعقبت سجن رئيس بلدية إسطنبول، لكنه استأنفها في يوليو بعد استقرار نسبي في الأسواق وتحسن بعض المؤشرات الاقتصادية.

من المتوقع أن يستمر البنك في التركيز على البيانات الاقتصادية الفعلية والتوقعات المستقبلية، بما يشمل مؤشرات الطلب المحلي، وتطورات الأسواق الخارجية، والأسعار المعدّلة موسميًا، عند اتخاذ أي قرارات قادمة.

رؤية بوينت تريدر جروب

ترى بوينت تريدر جروب، إحدى المؤسسات الرائدة في تحليل الأسواق المالية، أن التضخم في تركيا لا يزال يمثل تحديًا هيكليًا على المدى الطويل، رغم التقدم الظاهر في الأرقام الأخيرة. وتؤكد المجموعة أن السياسة النقدية بحاجة إلى تنسيق دقيق مع الإصلاحات الاقتصادية لضمان استقرار مستدام في أسعار الصرف، الفائدة، والنمو الاقتصادي.