تراجع أسعار النفط وسط ترقب الأسواق للتطورات الجيوسياسية وسياسات التجارة العالمية

أهم الأخبار
الثلاثاء، 19 أغسطس، 2025 - 13:30
بوينت تريدر جروب

شهدت أسواق الطاقة العالمية يوم الثلاثاء تراجعًا في أسعار النفط الخام، وذلك بعد مؤشرات إيجابية على تقدم المسار الدبلوماسي بين بعض الأطراف الدولية حول الأزمة الجيوسياسية في أوروبا الشرقية. ورغم أن هذه التطورات تعزز الآمال بإمكانية تهدئة التوترات، فإن حالة عدم اليقين ما زالت تسيطر على اتجاهات السوق، خاصة مع استمرار المخاوف المتعلقة بالإمدادات والعقوبات والتعريفات التجارية.

ففي تمام الساعة 15:15 بتوقيت السعودية، تراجعت عقود خام برنت تسليم أكتوبر بنسبة 0.8% لتسجل 66.09 دولارًا للبرميل، بينما هبطت عقود خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنفس النسبة تقريبًا لتصل إلى 62.18 دولارًا للبرميل. ويأتي هذا التراجع بعد ارتفاع مؤقت في الجلسة السابقة، حيث ارتفعت الأسعار بنحو 1% نتيجة القلق من استمرار تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية بأسعار مخفضة.

تعكس تحركات الأسعار الحالية حساسية سوق النفط تجاه أي تصريحات أو تحركات سياسية من شأنها التأثير على ميزان العرض والطلب. فبينما يترقب المستثمرون تطورات المفاوضات الدولية، تبقى المخاطر الجيوسياسية عاملاً رئيسيًا في رسم اتجاهات أسعار الخام.

ومن جهة أخرى، تشير التقديرات إلى أن الأسواق لا تزال متشككة بشأن فرص التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل خلال الفترة القريبة. إذ تُظهر بعض مؤشرات التداول العالمية أن احتمالات التوصل إلى تسوية سلمية قبل نهاية العام لا تتجاوز 40%، مقارنة بمستويات أعلى بكثير كانت قد سُجلت في الأشهر الماضية. هذا التباين في التوقعات يعكس حجم الغموض المسيطر على مشهد الطاقة العالمي.

إلى جانب البُعد الجيوسياسي، يترقب المتعاملون تداعيات السياسات التجارية الأمريكية، خصوصًا مع احتمالية فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 25% على واردات النفط من بعض الدول الآسيوية. هذا القرار، إن تم تطبيقه، سيؤدي بلا شك إلى إعادة تشكيل مسارات التجارة النفطية، كما قد يدفع بعض الاقتصادات الناشئة إلى البحث عن بدائل جديدة لتأمين احتياجاتها من الطاقة.

وتشير تحليلات متخصصة إلى أن استمرار فرض العقوبات أو الرسوم الجمركية قد يضع الأسواق أمام معادلة معقدة: فمن جهة، قد يؤدي تقييد الإمدادات إلى رفع الأسعار عالميًا، ومن جهة أخرى، فإن تباطؤ الطلب نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة قد يشكل عامل ضغط هبوطي.

كما لا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه الدولار الأمريكي في تحركات أسعار السلع، وعلى رأسها النفط. ففي ظل السياسة النقدية المتشددة ورفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، ارتفع الدولار إلى مستويات قوية، مما جعل شراء النفط أكثر تكلفة للمستثمرين حاملي العملات الأخرى. هذا الارتفاع في قيمة العملة الأمريكية يمثل أحد العوامل التي تضغط على الطلب العالمي.

وفي السياق ذاته، يرى محللون في بوينت تريدر جروب أن الفترة المقبلة ستظل محكومة بتوازن دقيق بين عوامل العرض والطلب، إضافة إلى الضبابية السياسية. ويؤكدون أن المستثمرين بحاجة إلى متابعة البيانات الاقتصادية العالمية عن كثب، مثل تقارير المخزونات الأمريكية، ومعدلات الاستهلاك في الصين والهند، كونها أكبر مستهلكين للطاقة عالميًا.

وعلى الرغم من أن أسواق الطاقة لطالما أظهرت قدرة على التكيف مع الأزمات، إلا أن التحديات الحالية تبدو أكثر تعقيدًا. فالعالم يقف عند مفترق طرق بين الحاجة إلى تأمين الطاقة بأسعار مناسبة، والرغبة في التحول نحو مصادر بديلة ومستدامة. وهو ما يجعل كل تطور سياسي أو اقتصادي قادرًا على تحريك الأسعار بشكل مفاجئ وحاد.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا يتمثل في استمرار التذبذب الحاد لأسعار النفط خلال الأشهر المقبلة. وستظل أي إشارات تتعلق بالمحادثات السياسية أو السياسات النقدية أو حتى بيانات المخزونات الأسبوعية، محركًا رئيسيًا لقرارات المستثمرين. وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن الأسواق ستبقى عالقة بين مخاوف نقص الإمدادات وضغوط ضعف الطلب، مما يعزز من أهمية التحليل الدقيق والاستراتيجيات المرنة في التعامل مع تقلبات الطاقة العالمية.


مواضيع ذات صلة

طلب إعادة الاتصال

للحصول على المشورة المالية من قبل خبراء بوينت تريدر جروب.

يمكنك الوثوق بشركة بوينت تريدر جروب

للحصول على المشورة المالية المجانية