الذهب يسجل مستوى قياسي جديد وسط ترقب قرار الفيدرالي وضعف الدولار
قفزت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد يوم الثلاثاء، مدعومة بالتراجع الملحوظ للدولار الأمريكي قبل الاجتماع المرتقب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع. ويترقب المستثمرون في مختلف الأسواق العالمية قرار البنك المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، حيث تشير التوقعات إلى خفض جديد من شأنه أن يدعم الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن في مواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي.
ترقب حذر لخطوة الفيدرالي
تسود الأسواق حالة من التفاؤل الحذر، إذ يراهن المتداولون على أن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية ستتجه نحو خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس على الأقل. ويرى محللون أن هذه الخطوة ستمنح الذهب دفعة قوية على المدى القصير والمتوسط، خاصة في ظل استمرار الضغوط التضخمية وتباطؤ النمو في بعض الاقتصادات الكبرى.
ويأتي هذا التوجه في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دعواته إلى خفض أكبر للفائدة، معتبرًا أن السياسة النقدية الحالية لا تدعم الاقتصاد بالشكل الكافي.
تأثير الفائدة والدولار على الذهب
خفض أسعار الفائدة ينعكس مباشرة على جاذبية الذهب، إذ يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الأصفر الذي لا يدر عوائد. وفي المقابل، يضغط هذا الخفض على قوة الدولار الأمريكي، مما يجعل الذهب أكثر جذبًا للمستثمرين من حاملي العملات الأخرى.
وبالفعل، تراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في شهرين ونصف أمام اليورو، واقترب من أقل مستوى في عشرة أشهر مقابل الدولار الأسترالي. هذا التراجع عزز الطلب على الذهب الذي سجل مستويات قياسية جديدة.
بيانات السوق وحركة الذهب
ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليسجل 3683.28 دولار للأونصة، بعدما لامس في وقت سابق مستوى 3689.27 دولار، وهو أعلى سعر في تاريخه. كما استقرت عقود الذهب الأمريكية الآجلة لتسليم ديسمبر عند 3720.10 دولار.
أما المعادن النفيسة الأخرى، فقد سجلت أداءً متباينًا؛ حيث تراجعت الفضة بنسبة 0.2% إلى 42.63 دولار للأونصة، بينما استقر البلاتين عند 1401.65 دولار، وحافظ البلاديوم على استقراره عند 1183.76 دولار.
العوامل السياسية والاقتصادية
لم يكن المشهد خاليًا من التوترات السياسية، إذ شهدت الولايات المتحدة جدلاً قانونيًا حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، بعد رفض محكمة استئناف أمريكية طلبًا يتعلق بعزل أحد أعضاء مجلس المحافظين. هذه التطورات تعكس حجم الضغوط التي يواجهها البنك المركزي وسط صراعات سياسية واقتصادية معقدة.
ويؤكد خبراء بوينت تريدر جروب أن مثل هذه العوامل غير المباشرة تزيد من تقلبات الأسواق وتعزز من مكانة الذهب كأداة تحوط ضد عدم اليقين.
توقعات مستقبلية
مع استمرار المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتنامي الحديث عن احتمالات الركود في بعض المناطق، يتوقع أن يظل الذهب في دائرة الضوء كأحد أهم الملاذات الآمنة. ويعزز ذلك استمرار البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الفيدرالي، في تبني سياسات نقدية أكثر مرونة لدعم النمو.
كما أن التوترات الجيوسياسية وتذبذب أسعار الطاقة العالمية تضيف المزيد من الدعم لارتفاع أسعار الذهب، في وقت يبحث فيه المستثمرون عن أصول تحافظ على قيمتها وسط تقلبات السوق.
الخلاصة
يمكن القول إن الذهب يستفيد حاليًا من مزيج فريد من العوامل: ضعف الدولار، توقعات خفض الفائدة، التوترات السياسية، والمخاطر الاقتصادية. هذه العناصر مجتمعة تضع المعدن الأصفر على مسار صعودي قوي، وقد نشهد في الفترة المقبلة محاولات لاختبار مستويات قياسية جديدة إذا واصل الفيدرالي تبني سياسات تيسيرية.
ويرى خبراء بوينت تريدر جروب أن المستثمرين ينبغي أن يراقبوا عن كثب قرارات السياسة النقدية الأمريكية وحركة الدولار، حيث ستظل هي المحرك الرئيسي لاتجاهات أسعار الذهب خلال الشهور المقبلة.
بهذا المشهد، يظل الذهب المرشح الأبرز للحفاظ على مكانته كملاذ آمن واستثمار استراتيجي في ظل عالم مليء بالتحديات الاقتصادية والمالية.